عطر الأحباب

لكل كاتب عطره الخاص، نستنشقه من خلال كتاباته، فتعبر كلماته إلى قلوبنا، فندمن هذا العطر، أنه عطر الأحباب!

31 أكتوبر 2013

حولية 109- الجسر!








قد أتي الغروب..
وأضيئت قناديل  الجسر..
لكي تضئ لي الطريق..
وأتمعن في أرضيته الخشبية ..
لعل ألمح آثار لأقدامهم..
فلا أري إلا آثار الأمطار..
التي ظلت تنهمر وتؤلمني..
فتحدث  ضجة علي الجسر..
فتذكرني  أنه خاوياً تماماً..
ولا يوجد أحداً  يبتل من قطراتها..

فأمعن النظر ..
لكي تحتضنهم عيوني ..
بمجرد أن تلمس أقدامهم الجسر..
فألعب معهم في خيالي..
لكي يهون علي الإنتظار..
فإنتظار الأحباب نيران مشتعلة..
لا يطفآها إلا صدي خطوات أقدامهم..

فنتحدى الأمطار ونجري  أمامها علي الجسر..
وهي تلاحقنا لكي نهرب ونترك لها الجسر..
فبين الأمطار والجسر حديثاً لا ينتهي..
ومن فرحتنا العارمة..
 لم نلتفت إلي أن ملابسنا قد ابتلت ..
ومن دفئ قلوبنا..
لم نشعر ببرد الشتاء..
ومن هرولتنا..
لم نشعر بأن النعل قد انشق عن أحذيتنا..
كما انشقت الأحزان عنا روحنا..
ونركب العجل..
ولم نشعر بالألم حينما سقطنا..
لم نشعر بشئ مما يدور حولنا..
لأننا نستمتع بتعنف ضربات قلوبنا..


ونزين الطريق بالبلونات الملونة..
ثم نثقبها فتحدث صوتاً ..
فتفرح قلوبنا كثيراً رغم أنه أفزعنا..
ويلكز بعضنا البعض..
ونلقي علي بعض كور من الورق..
و نرقص رقصة الكلاكيت..
محدثين ضجيجاً يملأ الكون بأسره..
وتحكي أقدامنا عن حكاية جسر..
جسر يربط بين قلوبنا..
ويجمعنا علي فرحة..
ويفرقنا علي أمل اللقاء مرة أخري..
ننتظره وينتظرنا دائماً..
فهو مسرح لحكايتنا ..

ولكن الحكاية لم تكتب..ولن تحكي..
ظلت حكاية في خيالي..
فالجسر لم تلمسه إلا أقدامي..
ولم يعرف يوماُ إلا صداهم..
شاهدا علي آثارهم..
من كثرة الإنتظار..
لعلنا نلعب سوياً لعبة الإستغماية..
و يجب عليه أن أجدهم..
ولكني عديت مراراً لحد المئة..
فلم يرد أحداً..
ومع هذا هرولت علي الجسر هنا وهناك..
إلي أن وصلت لنهايته..
وأنا أخاف النهايات..
فالنهايات دائماً مؤلمة..
وتقول أشياء..
وتخبرنا الحقيقة رغماً عنا..

وهي..
إنهم لن يأتوا..
لأنهم لم يفتقدوني..
وسوف يفتقدوني حينما أرحل..
وأنه لم يكن الجسر يوماً طريقاً بين قلوبنا..
بل جدار بين قلوبنا..
ودعته بنظرة..
وإبتسامة..
و غامت عيوني بالدموع..
وأنطفئت القناديل!




29 أكتوبر 2013

حولية 108- سطور



الصباح..أحبه كثيراً!
فيه قصة حب لا تنتهي..
كل شئ يعانق الآخر..
السماء تعانق الشمس..
والشمس تعانق الأرض..
وأنا أعانق الورق الملون..
فتعانقني بشدة..
وتسافر بي  بعيداً..
لآخر الدنيا..
لتلك اللحظات..
التي سرقنها من الحياة..
في غفوة منها..
ولتلك الأماكن..
التي احتضنتنا واحتضنها..
وشعرت بأن دفئها أمام دفئ فرحتنا..
باردة..
ولتلك الضحكات  الطازجة..
التي رنينها يدوي بداخلي إلي الآن..
ولتلك  الخطوط..
مختلفة الأشكال..
فمنها حروف  واقفة انتباه علي السطر..
ومنها حرف تتدلي بأطرافها من علي السطر..
وما أصعب السطور؟!
ففي السطور يقال كل شئ..
فهي مأوي للكلمات المؤلمة والمفرحة..
قد تجعلك تحلق في السماء..
و قد تدفنك في سابع أرض ..
بدون أن تردم عليك الثري..
وتلك الكلمات  لا تنمحي مهما مر الزمان..
قد تخف وقد تبهت..
وغير قابلة حتي للتعديل..
فالكلمات التي أطلقت كالرصاص..
أصيبت القلب..
ولا يجدي نزع الرصاص في شئ..
ولا يفيد الإعتراف بأنه قتلا خاطئ!.
ففي النهاية هو قتل!!
والكلمات  التي أطقت  كسرب حمام
فرفرت في سماء القلب.. فأسعدته!
ولكن في الحقيقة تلك السطور..
لم  تعرف الكلمات الحزينة الطريق إليها يوما
ففيها أمنيات بتحقيق كل ما أحلم به..
و مزاح  ممزوجا بغلظة الأطفال..
وأحيانا أمنيات بسنة سعيدة
وأحيانا كلماتاً عادية لا تقول شئ ولا تعبر عن شئ..
مجرد كلمات كتبت لتقف علي السطور..
وتملأ فراغها..
ومهما كتبت من كلمات..
 تظل تزين السطور بقناديل الفرحة..
ومع مرور الوقت
ينطفئ بعضها ..
و السطور تكون جسراً
 تعبر عليه تلك الكلمات
لتقيم مراسم الحزن في قلبي
فمن أحبتهم يوما
شنقوا قلبي بكلمات..
 المؤلم فيها..
إنهم  لم يروا قلبي..
وأنما اكتفوا بثرثرتي..
ولهذا فكرت كثيراً أن أهدم ذلك الجسر
لكي تخف آلالامي
ولكني  ..

تساءلت إذا هدمت ذلك الجسر..
فكيف لي أن أمحو تلك اللحظات من قلبي
..عقلي..ذاكرتي..حياتي؟!
فدفتر ذكرياتي  هو ((بيتي))
سجلت علي جدرانه.. 
كل لحظة عشتها وعاشتني
  و لمعت  عيناي بالفرحة ..
فكيف لي أهدم جدران بيتي؟!
كيف لي أن أعيش بدون جدران وبدون بيتي؟
ففيه ضحكت ومنه بكيت؟!

no copy

no