عطر الأحباب

لكل كاتب عطره الخاص، نستنشقه من خلال كتاباته، فتعبر كلماته إلى قلوبنا، فندمن هذا العطر، أنه عطر الأحباب!

20 سبتمبر 2012

يوسف




سألتني نفسي اليوم سؤالاً وأنا ارتشف قهوتي التي أحبها وأشعر بمرارتها عسلاً يذوب علي شفتاي..
كيف أدوي جرح الناس فيجرحوني؟
هل العيب فيه أم فيهم؟
أتصل لكي اطمئن عليهم وعلي حالهم..فلا يلقوا بالاً بمشاعري!
يتحدثون عن الحمل وعن الطفل الذي يشعرون به يتحرك في أرحامهم!
يتحدثون عن شرائهم الملابس للمولود الجديد والبطانية الذي سوف يدفأ في ثناياه من برد الشتاء!
ألا يعلمون أن الاشتياق للأمومة بركان يصهرني في كل لحظة!
ألم يشعرون أنني أظهر اللامبالاة لكي أدفع عن جسدي بعض الألم!
ألم يلاحظون في عيوني  التي تتابع الأطفال شوقاً  وأنني ارتشف من براءتهم حرماني..
ألم يلاحظون تجاهلي وهم يلاعبون الأطفال لكي لا أفتح جرحاً يشق قلبي وروحي وأنفاسي ..جرحاً ينزف ولا تنجح أي شئ في إيقاف نزيف..فهو بحور من الدماء..
يلامون عليه أنني أحزن عندما يتحدث أمامي  أحداً عن الحمل والطفل وإحساسهم بركلاتهم في أرحامهم..
ويقولن أنهم لا يقصدون..
حتي ولو لم يقصدون..
ألم يعلمون بأن البنت منذ أن تولد تكون أماً وليس بالشرط أن تتجوز أو تنجب لكي تشعر بأمومتها..
فا الله سبحانه وتعالي يخلقها والأمومة منسوجة في كيانها بأكمله..
فمنذ صغرها تحتضن عروستها..تحن علي أخيها..تحب أبيها وتدفئه بحضنها..
كل هذه مقومات الأمومة..
كيف علي أن أحتمل؟
كيف أحتمل وأنا لا أقوي علي الاحتمال..
لا يعرفون كم يشتق رحمي أن يحتضن طفلي؟!
لا يعرفون كم يشتاق حضني لحضن طفلي؟!
لا يعرفون كم أحب أن يكون لي رحيق من زوجي؟!
هل لا يعرفون أم لا يشعرون أم لا يبالون؟!
هل الإنسانية أصبحت نادرة الوجود علي هذه الأرض؟
يتهموني بأنني إنسانة مفرطة الإحساس..
وهل مفرطة الإحساس تهمة تتهموني بها؟
هل تلقون بأخطائكم علي؟
كيف تلومني علي أمومتي؟
كيف والله خلقني بها..
كيف والله خلق الأمومة في كل شئ في الوجود..
فالسماء أماً للأرض تحتضن كل من عليها..
والشجر يحتضن العصافير..
والبيوت تحتضنا..      
ورحمي يحتضني..لكي يرزقني بطفل بجسده الصغير يحتضني بحبه الكبير..
هو من يحبني كما أنا..لن يلومني ولن يضجر مني ومهما اضجر مني..
سوف أضمه بين صدري لكي ينسي كل شئ..
وسوف يبتسم لي ويقبلني..
اشتاق لك يوسف..
وعندما تكبر قليلاً سوف تشربي مع قهوتي..
تعلم بأنني أعشق القهوة..
ولكني لا يشاركني بها أحداً..
انتظرك لكي ترتشفها معي..وتضيف للقهوة مزيداً من الحلاوة..
فالقهوة لم أشعر بمرارتها أبداً لأني أحبها..
فتخيل لو إنك تشاركني..
فسوف تصبح القهوة قطعة من الحلوي!
تعلم لماذا؟
لأن في وجودك حياتي!
وإذا كان الناس يتتبعوني بنظرات الحسرة لأنك غير موجوداً أو لا يشعرون ويتحدثون أمامي أو يسألوني  أو يدعو لي بصوتاً يملأه الشفقة علي حالي..
فتأكد يوماً أن أراك سوف أحتضنك مرتدياً أحلي الملابس وأخرج بك في كل مكان وتشاركني حياتي ..
أتعلم؟
أنني أخشي أنني عندما أكبر في السن وتلتهم الدنيا شبابي وصحتي ..
لا أجدك..لا أجد من يكون لي الحضن الذي يراعني في آخر عمري..
لكنني عندي يقين في الله أنني سوف أراك..
أحبك طفلي..
أحبك يوسف..



10 سبتمبر 2012

مقعد المشاهد




كم أشعر وكأنني محبوسة الأنفاس في أعماق أعماق نفسي..
كم أشعر بأني أختنق..وكم وددت أن تنهي حياتي..
أتمني اليوم التي تنهي فيه حياتي..
فهل يمكن للسمكة أن تعيش خارج الماء للحظة واحدة؟!
وأنا لا أعرف قوانين الدنيا ولا أعرف كيف أعيش فيهاا؟
لا أعرف كيف أتعامل مع الناس ولا أن أحي في وسطهم..

أنا أحيا بدون أصدقاء..فأصدقائي قسمين أما منشغلون والمطلوب مني أنني اعذر عدم تواجدهم في حياتي وأما أصدقاء يجب أن أبني حول كلامي وضحكتي ومعاملتي حصن منيع لكي لا أخطأ ( وفي النهاية يتقلي هم مش أصحابك أصلاً)
أنني أحتاج صديقة لا  ظل صديقة..
أنني أحتاج صديقة لا قيود تقيدني فتشعرني وكأنني في حذر تجول..
يا وجع قلبي عندما أشعر أنني أعيش في وهم يسمي ( الأصدقاء) في الحقيقة أني ليس لدي أي أصدقاء..
حلمت كثيراً بأن يكون لي صديقة أضحك معها وأخرج معها وأحزن معها ونخس سوياً..لا يوجد أي قيود بيني وبينها..

وأحيى أيضاً بدون أطفال..
وأحيى بدون أخت..
أحيي بدون أشخاص أدورهم مهم في حياتي..
اكتشفت اليوم كم أنا وحيدة..

اكتشفت اليوم ما أنا إلا إنسانة سجينة يتحكم بها كل من هب ودب..ويحركوني مثل عرائس الماريونت..
نعم أنا (عروسة ماريونت) يحركها الناس كم يشاءون وكم يحلو لهم..
وكأنني لا مشاعر لي..و لا قلب لدي..ولا روح ولا كيان..
فقد يحركونها كما يريدون من أجل صورتهم وكرامتهم ..
لا يفكرون في لحظة بمشاعري بوحدتي ..
كثيراً أشعر بأنني أوشكت علي الانعزال..
أشعر به بشدة وبقوة تجتاح روحي وتجذبني.. أشعر بألم في جسدي وغثيان ..كنت لا أعرف السبب..
ولكنني عرفت الآن أن روحي سئمت مني ومن مما يقطنون حولي..
سئمت أنها لا تجد ما يطيب روحها..
إلي أن بالفعل قررت (الانعزال)..

سوف انعزل بوجودي كله بعيداً إلي أبعد مكان في كياني..
واكتفي بمقعد أمام مسرح الحياة..أشاهد ما يحدث فيه وأبكي أحياناً وأفرح أحياناً وأصفق أحياناً وألطم أحياناً....
ومن يعلم من الجائز يوماً أكسر قيودي وحصاري ومقعدي هذا واقفز علي خشبة المسرح وأقوم بدور (البطلة) دوراً لم أحلم به قط..
ولكن إلا أن يأتي هذا اليوم سوف أكتفي بمقعد المتفرج..والصمت سوف يكون صديقي في رحلتي..وكتبي ..ومدونتي..فهم خير صديق وخير الأسفار في طريقي..




no copy

no