عطر الأحباب

لكل كاتب عطره الخاص، نستنشقه من خلال كتاباته، فتعبر كلماته إلى قلوبنا، فندمن هذا العطر، أنه عطر الأحباب!

(أنبثاق عطر الكتابة)..كلام عنى





(أنبثاق عطر الكتابة)..
منذ الصغر، أحببت القراءة, ففي سن العاشرة, كنت أشترى بمصروفي (25 قرشاً), قصص سمير, وكنت حريصة أنني أشترى جميع أصدارتهم, فعندما أنتهي من القراءة أعلم في خلف القصة وأبحث على (أسم قصة) جديد لكي أشتريها, وحينها شعرت أن (موهبة الكتابة) بدأت تنبت بداخلي, نبتت من حبي للقراءة, فمن المضحك أنني أخذت عنوانهم من على القصة, وكتبت لهم جواب يفيد بأنني أمتلك (موهبة الكتابة) وعلى أتم الاستعداد لمساعدتهم في إرسال بعض مؤلفاتي, برغم أنني أضحك على نفسي الآن عندما أتذكر هذا, ولكن ما أحلى أن يشعر الإنسان بأنه لديه موهبة ويحلم أنه يكتب وحتى ولو كانت (أحلام الطفولة), فما أجمل هذه الأحلام؟ التي شقت قلبي لتضع أول بذور حبي للكتابة.

ومنها تنوعت قراءاتي فبدأت أقرأ إصدارات (دار الهلال), وكنت مداومة على شرائها,  لقراءتها وأيضاً حل (مسابقة من الجاني؟) للفوز بجائزة, وبالفعل كسبت في حل المسابقة ومن فرحتي, كنت أشعر أن الأرض والسماء لا يسعونى, وقطعت طريق طويل من مكان سكنى إلى مكان تسليم الجائزة - بحي السيدة زينب, وبالرغم أنني كسبت مجموعة من الكتب القديمة, وأختي وقتها ظلت تقول لي (يعنى قطعيين المشوار ده كله عشان شوية كتب قديمة), إلا أنني كنت أحتضنهم, كمن تحتضن طفلها وحريصة ألا يصيبه شئ.

ومن هنا بدأت أشعر أن (موهبة الكتابة) بدأت تكبر بداخلي وتريد أن تظهر للحياة, فبدأت أشترى ورق وأقلام جديدة, وبدأت أكتب القصص, لا أتذكر منهم شئ الآن, ولكن أتذكر جيداً قصة كتبتها وسميتها(دنيا الخيال) وأحضرت (ملف) وبدأت أضع فيه قصصي, فلقد كنت في قمت سعادتي, فما أجمل أنى وجدت لي واحة أنعزل فيها عن واقع مرير لكي أستنشق فيها أحلى عطر وهو (عطر الكتابة), فعندما أكتب ينتشر عبير الكلمات من حولي , وعندما أستنشقه و يتخللنى,أغمض عينيي, فأشعر أنني تركت الأرض وحلقت فوق السحاب بجنحي, فأطير لكي أرى أحلامي, فوجدت نفسي فجأة سقطت على الأرض,لأن هناك من ضربني بطوبة من الأرض, ليخبرني أن كتاباتي لا قيمة لها, وأنها شئ يستحق أن يلقى في سلة المهملات, فاستيقظت من أحلى أحلامى لأسوء كابوس فى حياتي, عندما وجدت كل أوراقي وكتاباتي مزقت ورميت, حينها انفجرت في البكاء, كل شئ ضاع منى فجأة, أبطال قصتي لن أقابلهم مرة أخرى, يوم ميلاد كتاباتي لن أعرفها, أحلام الطفولة, شعرت وقتها بأنه (يوم مأتم قلمي),قتلت فيها موهبتي, وبالفعل ماتت وقتها وتوقفت عن الكتابة .

توقف عن الكتابة لمدة 19 عاماً, وكنت دائماً مؤمنه أنى أمتلك الموهبة, ولكن لا يوجد أحد من حولي يشجعني ولا مؤمن بموهبتي, إلى أن صارحت زوجي بحبي للكتابة,  شجعني والأهم من التشجيع أنه مؤمن أنى أمتلك الموهبة, ولكن ينقصني الكثير, فمازلت في أول الطريق, وأحتاج إلى أن أصقلها, كان هذا هو رأيه؟ وفى الحقيقة, تكاسلت عدة مرات أن أخطو هذه الخطوة بأننى أعود للكتابة وأن أصقل موهبتي, إلى أن جعل الله شئ يظهر في طريقي لكي أكتب وهى مبادرة من أحدى دور النشر, ومن هنا كانت البداية الحقيقية لمحاولة الكتابة مرة أخرى, وبالفعل كتبت كتاب (إنسان جواك وجوايا)- مقالات, ولكن نشب خلاف بينى وبين دار النشر, قدر الله وما شاء فعل,  لم أحزن, لأن الله أكيد كاتب لى الخير,  ونظرت إلى الرسالة الذى يريد أن يقولها الله لى وهى رسالة واحدة(أكتبي).

وبالفعل قررت أن أكمل مسيرتي, وفى يوم من الأيام ,خطر ببالي فكرة عن قصة قصيرة (من وراء الكاميرا) وبالفعل بدأت أكتب فيها, ونالت أعجاب زوجي وصديقتي الغالية(إيناس الشناوي) وأصبحوا المعجبين الوحيدين بقصتي, والقصة القصيرة تحولت في خاطري من مجرد قصة سوف تنتهي  أحداثها بعد أجزاء قليلة, إلى أحداث كبيرة, ومن هنا قررت أن أكتب أول (رواية) في حياتي, (رواية من وراء الكاميرا), تحولت من قصة قصيرة إلى رواية بفضل الله أولاً ثم زوجي ثم صديقتي, ومن أجمل التعليقات التي كتبت لي عن القصة :
, faroukfahmy58صاحب (مدونة قصص قصيرة)أن أسلوبي يشبه أسلوب (أحسان عبد القدوس) وهذا الشئ أسعدني كثيراُ.

ومن هنا ومع انبثاق عطر رويتى الجديدة ومع ميلاد سنة جديدة, أتمنى أن يحقق الله أول حلم لي وهو أن أكتب رويتى وانتهى منها, وأنها ترى النور قبل انتهاء 2012, ولكي أحقق ذلك يجب أن أصقل موهبتي أكثر, ولذلك أنشأت هذه المدونة الأدبية, لكي تكون مصدر لجميع أعمالي, وأيضاً مصدر لتعلمي , ولكي أتعلم أيقنت أنه يجب أن أقرأ لأحلى العطور وأشدها عبيراً, وهم (عطر الأحباب) فعندما أقرأ كتاباتهم, أشعر بعطرهم من حولي, وعندما أستنشق كلماتهم, أشعر بأن عبيرهم أنتشر فى كل مكان, وعند أنتهائى من قراءة أحدى كتبهم , أشعر بمدى تقديرهم لقيمة الكتابة, فيخيل لى أننى سوف أقابلهم يوماً وعندها أفيق على أنهم ماتوا جميعاً, فأبكى بكاء الطفلة الذي فقدت أبيها, فأحتضن الكتاب أكثر وأضمه إلى صدري وأغلق يدى عليه وأقول بصوت مرتعش يملأه الحزن((يا ليتنى أتولدت في عصركم , كنت سوف أتعلم الكثير, لأنكم كنتم تشجعون الهواة من الكتاب, فأما الآن فلا يوجد من يشجعنا, بل يوجد من يكسر أحلامنا)).

 أشتاق لعطركم يوسف إدريس (أول من قرأت له) وعلمني معنى الإحساس بالناس وهمومهم, توفيق الحكيم, يحي حقي, محمود تيمور, يوسف السباعي, طه حسين, محمود عباس العقاد, أنيس منصور,سوف أتعلم منكم ,قيمة الكتابة, أحبكم جميعاً وأقول لكم يا أدباء مصر,أنتم ((عطر الأحباب))..


نيللى على
30-12-2011

no copy

no