عطر الأحباب

لكل كاتب عطره الخاص، نستنشقه من خلال كتاباته، فتعبر كلماته إلى قلوبنا، فندمن هذا العطر، أنه عطر الأحباب!

5 يوليو 2013

حولية 5- بيتي!!





أحب بيتي رغم أنه  صغير و بسيط في كل شئ في الجدران والدهان ولا يمط لأي طراز, حتي الأثاث لا ينتمي إلي إتجاه لاهو مودرن ولا ستيل ولا أي شئ من هذه الأشياء ومازالت لا أعرف الفروق بين هذه الفئات فأنا ليس من هواة الفن التشكيلي في المنزل, فأنا أري المنزل يجب أن يكون بيتاً مريحاً وليس متحفاً أو معرضاً لعرض الأثاث!!
ونظرتي له ليس أنه بيتاً لكي أعيش فيه وأكل وأنام فقط..
ففيه أفعل كل شئ يحلو لي, ففي الصباح استيقظ وأعد وجبة الإفطار( بيض أومليت بالجبنة البيضاء) وكوب من النسكافيه – ويجب أن تكون القهوة أكتر من اللبن- وأسخن الخبز ثم أجلس لكي أشاهد المسلسل التركي ( أين أبنتي) والمسلسل إلي الآن لم يجدوا البنت ومازالوا يبحثون عنها, وفي الحقيقة أنا سئمت منهم ..ومن المسلسلات التركية بوجه عام ..ولكن لا يوجد أمامنا غيرهم..فماذا نفعل؟َ!!
وفي بيتي أعيش بطبيعتي أتناول طعامي و يتساقط فتات الطعام علي ملابسي  مثل الطفلة الصغيرة, و(جوجو) قطتي البيضاء و لا تتركني في حالي فتظل تقفز هنا وهناك وأنا أنظر لها في عصبية وأقول لها: هااا
فتقولي لي في عند: نيااااااااااه
ولا تخاف تظل تقفز لعلها تنال قطعة صغيرة من البيض ولكن عندما ينفذ صبري أصرخ!! فلا يعجبها هذا فتذهب إلي طبقها لكي تأكل من طعامها, وأنا أستشيت غضباً وأقول لها: ما كان من الأول ياهانم!!..
وبعد أن أنتهي من تناول الطعام, أستمع إلي القرآن الكريم بصوت عبد الباسط عبد الصمد هذا الشيخ الجليل أحب صوته الذي لا يحتاج إلي ميكرفون لكي يقرئ من خلاله, فهو يكفيه أن يقرأ بدون أي وسائل مساعدة, فأنا أشعر وكأن حنجرته من قوتها تحولت إلي ميكرفون, صوته به حلاوة وصدي يجعل قلبك يعرفه ويميزه لو في وسط مليون قارئ آخرين!!
وأجلس علي مكتبي وأكتب  كل ما أرغب في كتبته, فأنا لا أعرف أكتب إلا في بيتي حيث الهدوء والهواء النقي والموسيقي الهادئة التي لا تفارقني وأنا أكتب فهي رفيقة قلمي, وأعواد النعناع التي تنعشني  وتسحب أي أرهاق من ذهني فتجعل ذهني صافيا للكتابة ويرافقني صديقي الوفي: القهوة..فإذا كانت الكتابة لاتحلو بدون الموسيقي فهي لا تخرج للوجود بدون القهوة, فالقهوة هي روح الكتابة!!
وفي حجرتي نافذة صغيرة أقف فيها عندما أختنق من أحزاني, أقف فيها لكي أتنفس الهواء العليل وأراقب أبناء الجيران وهم يلعبون فأحيانا يتقمصون دور ((القرود)) فيصعدون علي الشجرة إلي أن يصلوه إلي أعلي غصن فيها ويقولون: مين عاوز موز؟ أحنا القرود!!
وأحياناً يحولون ( الحديقة  الصغيرة) إلي حلبه ويبدأون في التصارع ويضربون بعض والحكم واحد منهم يظل يراقبهم ويقوم أيضاً بدور الموسيقي التصويرية ويقول: تتتتااااااااه تيررررررررررراه..وسيلة لتحميس الطرفين لمزيداً من الضرب, ويظل جارنا يقول: وبعدين هتعوروا بعض..
ولا يلقون له بالاً, فالجميل في الأطفال إنهم لا يفعلون إلا ما يحبون أن يفعلوه, وعندما يريدون أن يستمتعوا لا يفكرون في العواقب يفكرون فقط في اللحظة, لحظة الاستمتاع فقط!
يجعلوني أضحك من قلبي وأشرد قليلاً عن أحزاني..
دائماً أري أن في البيت مكاناً نحبه ونستريح فيه, مكان لا نجده ألا في بيتنا نحن فقط, أنا بالنسبة لي  يظل ( ركن الصلاة) الذي صممته منذ 4 سنوات أجمل الأماكن في البيت, وضعت فيه مصحفي وعلقت خشبه علي الحائط ووضعت به السبح والبخور وبعض من العطور من المسك والصندل لكي أعطر به سجادتي وإسدالي, بمجرد أن أصلي في هذا المكان أشعر بطاقة من الروحنيات, وعندما تتضيق بي الدنيا أصلي وأجلس في هذا المكان فأجد قلبي أصبح مطمئناً وبه سكينة!!
وفي بيتي أستيقظ وقتما أردت وأنام وقتما أردت, وأطبخ ما أحب؟ وأشاهد ما أحب؟ وأغير ترتيب المنزل كيفما أحب.. فأنا سيدة المنزل وأديره ولا يملي عليه أحد رغباته, وعندما يزورني أحداً من عائلتي ويغير ترييب بعض الأشياء, استشيط غضبا لأن لا أحب أن يمسح أحداً بصماتي من المنزل, أحب أن تظل كما هي ..لأنه بيتي!!
والبيت  فيه روحي وعطري وملامحي هو جزء مني وأنا جزءً منه, فهو ( وطني الصغير) و حضني و مأمني من البشر, فيه أحتمي من الأوجاع وفيه أهرب من الآلام وفيه أبعد عن قسوة الوطن, وطني ( مصر) فأنا لم أعرف إلي الآن ماهو الوطن؟؟ فلقد تداخلت وتشابكت عند مفهوم الوطن!!
أنا أعلم أن الوطن هو  بيتي الكبير وهو المأمن وهو الحماية وهو الكرامة وهو أن أعيش إنسانة!!
ولكنه لم يصبح..
لم يصبح الوطن هو إذا صرخت لكي استنجد من مغالاة السائق في طلب الأجرة وارتفاع صوته عليه أنا وأصدقائي فسوف أجد الشباب جميعهم تجمعوا لكي يلقنوه درساً لا ينساه!!
لم يصبح الوطن هو الدفئ  ولا حضني ولا ملجأي!!
ولم يصبح الوطن عندما يمرض أحداً أنقذه بحياتي!!
ولم يصبح الوطن هو سقي الأرض بقليل من الماء أمام المنزل لكي يجعل الهواء عليل و (شاي العصاري) مع الجيران مهما أختلف عقائدهم أو أفكارهم..فالذي يجمعنا هو الحب والدفئ وكوب الشاي بالنعناع !!
ولم يصبح الوطن تناول الفينو الساخن مع الطعميه الساخنه مع الأصدقاء!!
ولم يصبح الوطن هي سماع فريد الأطرش وأم كلثوم في آخر الليل بعد أن ينهكنا النهار بمتطلباته!!
ولم يصبح الوطن وطن!!
ولكن الوطن أصبح الآن هو الغابة و القتل وسفك الدماء وهو الخوف, الخوف إذا نزلت قد أعود أو لا أعود؟!
وهو الأسلحة وهو الدم وهو السرقة وهو الفوضي!!
يخلقون الفوضي من أجل أن يخيفون الناس!!
فالله سبحانه وتعالي خلقنا نعشق الحرية ونحب الأمان..
وهو يهددون حياتنا بالإرهاب..لكي يرهبوننا ويسلبون منا أوطاننا..
ولكن وطنا  ليس معروض للبيع أو الإيجار..
وطنا هو ملكنا!!
وإلي أن نسترد وطنا..سوف ألتزم بيتي فهو مأويه من الأوجاع!!
فأنا أهرب من العذاب ليس ضعفاً ولكن لأن لا يوجد مكانا ً بي لم يطعن..
أنا مليئه بطعنات لا يراها غيري, فمثل طعن وطني أنا طعنت مثله!!
هل سوف يأتي اليوم الذي يصبح بيتي ووطني شيئاً واحداً!!
هل سوف يأتي اليوم الذي أترك باب بيتي مفتوحا وألا أخشي أن يقتحمه أحداً!!
هل سوف يأتي اليوم الذي أخرج فيه لوحدي دون أن أتلفت يمينا ويساراً خوفا من الناس!!
هل سوف يأتي اليوم الذي أسير فيه مع صديقت علي كورنيش النيل وأنا أكل الذرة المشوي دون أن نخشي شيئا!!
هل سوف أشعر بالإمان يوماً في وطني الكبير ولا أهرب منه في وطني الصغير (بيتي)!!
ولا أجد أجمل  من هذه الأغنية..لكي أختم بها..
إني اخترتك يا وطني حباً وطواعية
إني اخترتك يا وطني سراً وعلانية
إني اخترتك يا وطني
فليتنكر لي زمني
ما دمت ستذكرني
يا وطني الرائع يا وطني
يا وطني الرائع يا وطني
دائم القدرة يا قلبي
وإن بان في عيني الأسى
دائم الثورة يا قلبي
وإن صارت صفحاتي مسا

جئت في زمن الجزر
جئت في عز التعب
رشاش عنفٍ وغضب
وغضب وغضب وغضب.. وغضب


 مارسيل خليفة

هناك تعليق واحد:

  1. في مسلسل حكايات بنات من يومين
    كانت بتقول إن البنت ولحد ما بتتجوز بيبقي بيتها بيت اهلها
    لكن بعد الجواز بيبقي بيتها هو بيت جوزها اللي بترتاح فيه وبيكون بيتها هي لوحدها بتعمل فيه اللي عايزاه وترتبه زي ما تحب
    اهو انا احساسي كده
    بيتك ده نطاقك الأوحد و الأجمل
    اللي دايماً بيتشكل بجزء من روحك
    حبيت احساسك اوي يا نيللي
    نفس اللي بحبه في بيتي
    بس نفسي من السنه اللي فاتت اعمل ركن للصلاة زيك كده
    إن شاء الله اقدر اعمله :)
    ربنا يسعدك يارب <3

    ردحذف

نرحب بكلماتكم العطره التى تفوح منها أجمل العبير:)

no copy

no