عطر الأحباب

لكل كاتب عطره الخاص، نستنشقه من خلال كتاباته، فتعبر كلماته إلى قلوبنا، فندمن هذا العطر، أنه عطر الأحباب!

13 ديسمبر 2012

تراب النسيان!


أنا إنسانة تحب الحياة رغم قسوتها ولونها القاتم بكل أحداثها أحبها، لأن الله خلقني وأعطني روح  لكي أتنفس وأعيش و اجتهد من أجل أن أفوز بكل شيئاً جميلاً في الدنيا وفي الآخرة.

فأحببت الكتابة منذ طفولتي وأحببت القراءة  وأحببت  كشاكيلي وأقلامي التي كانت تعبر عن حبي لهما وأحببت القهوة لأنها رفيقة حروفي وكلماتي وفرحي وحزني، رغم مرارتها التي هي أساسها إلا أن ليس كل مايبدو لناأو نشعر بمرارته يكون سوءً وضرراً علينا..كم من مظاهر وأفعال خداعه!

أحببت الشتاء بما فيه من برداً قارصاً وغيوم أحببته لأنه يحضتني بمكتبي وبكل مايحويه وينعشني وينشطني بلونه الرمادي الذي يسيطر علي أغلب إيامه وبرغم حضنه البارد إلاأنني أشعر بعكس ذلك لأن الشتاء ماهو إلا خلفية لحياتي لا يقطني بل أنا من أقطن فيه ..هو بارد وأنا دافئه! لاتتعجب ألم أقل لك أني أعشق القهوة الساخنة وخصوصا الموكا لأنها مزيجاً من الشيكولاته والقهوة وهي تليق جداًعلي خلفيتي  الشتوية!

وكم أعشق أن أستنشق نسمات القهوة القوية التي في لحظات تنبه جميع حواسك أجزم أنها تفوق الصدمات  الكهربائية التي تنشط القلب، وكم أعشق الدخان الصاعد منها علي خلفيتي الشتوية والذي يزداد وضوحاً معه بسبب برودتة الشتاء وسخونة القهوة- مثلي أنا والشتاء أظهر وأنشط فيه وأكون شعلة رغم برودته- أعشق كل هذا خصوصاً وأنا في وسط أصدقائي.

أحب كل طقوس حياتي.. بكل تفاصيلها!
أحب عالمي بلونه وصوته وعطره!
أحب وجودي!

ولكن في لحظة وبدون مقدمات كرهت طقوسي وعالمي ووجودي!
ورأيت أن كل ما أفعله بدون قيمة..
ماقيمة أن أكتب في دنيا شابت وتحتضر..


ووقفت كالمصدومة أو كالمجنونة أتسائل :

هل من الممكن أكره ما كنت أحب ؟!!
ولو استطعت كيف سوف تكون حياتي؟!

ظلت في ذهول قرابة الشهرين من حالي ومن أفعالي ومن أقوالي،  هربت من كياني بأكمله، فأصبحت لا أقرأ ولا أكتب ووصلت أني شعرت بأني أمية جاهلة ، أصبحت أتصرف تصرفات لا تليق بي و أفكر كالتافهه!

وماذا تتوقع أن أكون بعدما كنت!

أكون بدون عقل وبدون قلب ..

بالفعل وصلت أن. .أكون كفيفة العقل والقلب..

تتساءل لماذا وكيف وصلتي إلي هذا الطين؟!

التراب هو الذي أوصلني إلي هذا!

تتعجب من الكلمة (تراب)!
أليس التراب هو الذي يكسو كل شئ من حولنا، مكاتبنا وكراسينا ورفوفنا وبيوتنا وشوارعنا وأخلاقنا ومواهبنا بل حياتنا بأكملها .. فالتراب ياعزيزي يغطي كل ماهو جميل وقبيح، ويجعلنا نعتاد علي وجوده ونراه عادياً ويساعدنا كثيراً من كثرته أننا ننسي الأشياء لأننا أصبحنا لانراها!
وهذاماحدث معي غطي قلبي وقلبي التراب والتراب هنا ليس بمعناه الحرفي ولكنه بمعناه الحسي ألا وهو النسيان!
نعم ياعزيزي النسيان هو التراب!
النسيان يغطي آلالامنا وأخطائنا !

وأنا تألمت كثيراً الفترة الماضية، من  سياج  كنت ألفها علي روحي ومن غير ماأشعر جعلت من أشياء أحبها قيود من حديد كادت أن تمزق روحي. وروحي من خنقتها تحررت منه ولم  تراعي أنها أشياء أحبها وكيف تراعي وأن من جعلتها تختنق لأني بكل بساطه حولت عالمي  إلي كل شئ يفعل فيه بفرمان من عقلي علي حساب روحي وقلبي. ونسيت أني في عالمي يجب أن أفعل كل شئ فيه بحب مع قليل من الإلزام وليس العكس!

وأخطأت وتألمت عندما أدخلت ناس في حياتي وجعلتهم في مرتبة لا يستحقونها، مرتبة إمتياز مع مرتبة الشرف وهم يستحقون مرتبة فقط ، لأنهم جماد بل أصنام لو طرقت عليهم لإنكسروه وتفتتوه فهم ليس من لحم ودم بل هم من الصخرحتي الصخر شرف لهم..علي الأقل الصخر ممكن أن ينتفع به أما هم لا..

كم من أعذار واهية عن الظروف والحياة وكأنهم نيوتن.. ونحن  من أمثال (باريس هيلتون )من شدة مللها تعمل مسابقة لإختيار الأصدقاء لكي تسلي وقتها الفارغ!

كم من كاذبون يكذبون عليك لأنهم يخشون الحسد..لك الحق أن تخاف من الحسد ولكن ألم يعطيك الله ياضعيف القرآن والإذكارلكي تحصن نفسك، فإذاكنت لا تحصن نفسك يبقي ((ماتقرفناش في عشتنا وتمثل وتقرفنا بمشاكلك وأنت حر في حياتك ياسيدي))

كم من يلجأ إليك وهو الفراغ يملئه وطفح لدرجة أنه يملئ خارجه أيضاً وأصبح مثل الهيليوم ممكن أن يستغل في نفخ البالونات وبعد ما ينشغل بحياته يتعامل معك  وكأنه لم يعرفك من قبل وكأنك كنت قرد تسليه!


وبسبب هذا لجأت إلي الفرار إلي التراب ..إلي النسيان!

لجأت إلي أن أغطي كل شئ أحبه من كتبي وكشاكيلي وأقلامي وكتبي وعالمي بأكمله بالتراب حتي الناس من شدة حبي لهم هم أيضاً لم أغطيهم بل دفنتهم تحت التراب ..

وليس أي تراب إنما تراب النسيان!

والفرق بين غطيت عالمي بالتراب ودفنت الناس بالتراب، أن الذي دفن ومات من المستحيل أن يحي مرة أخري والذي مات ليس بالهين ..حبي لهم مات ..مات لأنه كان قوي وصادق!

وإنما عالمي الذي يكسوه التراب مادياً ومعنوياً!

يمكن أن يعود.حينما أنا أعود..

وأنا ها هنا أفتح أبواب وجودي بقلمي الذي سوف يمحو كل التراب من عقلي وقلبي وحياتي..

وها أنا تعود لي ذاكرتي التي كسوتها التراب..
لا أنكر أن رائحة التراب تخنقني ..

ولكن ألم يوجد هناك ضريبة يجب أن أدفعها مقابل أني أخطأت ..

ولكني تعلمت الكثير والكثير..


أنك لا تحب ماتفعله لدرجة الصرامة  فتحوله لشئ يقيدك والإنسان خلق حر ويحب الحرية ووقتما يشعر أنه مقيد حتي لو كان أشياء يحبها فسوف يأتي اليوم ويتخلص منها لكي يحرر روحه من سياج القيود!

وأن تعطي الحب والإهتمام ووقتك لمن يستحقهم وليس لكل من هب ودب!

وأن تضع الناس في أماكنهم الصحيحه لكي لا تخسر أحداً وإنما تخسر من يجعل منك إنساناً آخر يجعلك تندم في يوماً من الأيام علي معرفتك به..

و أن وجودك في الحياة قيمة ..إنك خلقت إنسان وليس أي كائن  آخر ولأنك إنسان يجب أن تعيش وتقدر قيمتك وقيمة كل ما تفعله و لا تنتظر النتيجه..يكفيك أن الله يرانك ويكون راضي عن أفعالك ألا يكفيك هذا..رب العالمين.

وها أنا في طريقي للنقاء..طريقي للحرية..

فلقد نقيت عالمي من تراب النسيان..لأن النسيان ليس من قيمته!
فنحن ننسي في حالة واحدة!

عندما يكون الشئ لاقيمة له!
عندما نريد ألا نتألم!
عندما نريد أن نسكن العذاب!

فالنسيان ماهو إلا مسكن قوي لأوجاعنا!

هناك 4 تعليقات:

  1. صباح الغاردينيا
    لاتكرهي عالمك وتفاصيلك وحياتك من أجل شخص
    وأنفضي غبار النسيان لتري الدنيا أجمل "
    ؛؛
    ؛
    لروحك عبق الغاردينيا
    كانت هنا
    reemaas

    ردحذف
    الردود
    1. بتوريني دائماً ياريماس رغم إنقطاعي عنكم الفترة السابقة..

      حذف
  2. عاجبني جدا انك فاهمة حالتك كده وعاجبني اكتر ان متسامحة مع نفسك ومع الدنيا كده .. هي فترات لازم نمر بيها بس اهم حاجة نخرج بيها بايه وازاي وانا شايفة انك الحمد لله عرفتي تخرجي منها كويس

    اوعي تسيبي اللي بتحبيه تاني :)) ... مبسوطة اني قرأتلك اخيرا :*

    ردحذف
    الردود
    1. أنا اللي مبسوطة بيكي وبكلامك. يانور..هي فترات الواحد بيعدي بيها بس لازم يعرف يخرج منها والحمد الله بدأت أتعافي من أخطاء الماضي:)

      حذف

نرحب بكلماتكم العطره التى تفوح منها أجمل العبير:)

no copy

no